بقلم السامي الإحترام جوزف أبو زهره 

تكاد لا تخلو عظة دينية مسيحية او مناسبة احتفالية مسيحية الا والتعرض الى “شهود يهوه” من حيث نشأتهم وتعاليمهم وتحريفهم للعقيدة و للدين و الكنيسة.

نحن نشكر آباءنا الروحيين على هذه الرسالة ودفاعهم عن الكنيسة انما  المؤسف هو زج الماسونية و إلصاقها على ذات المستوى بشهود يهوه، وكأن الماسونية بدعة من بدع شهود يهوه.

منذ القدم وكنيسة المسيح عرضة لغزوات اهل البدع، بدع الهلاك.

ولعل اخطر البدع التي واجهتها الكنيسة في تاريخها الطويل هي بدعة  “شهود يهوه”  التي يتميز دعاتها بحاجة الناس في ايمانهم والطعن بالعقائد المسيحية التي تسلمتها الكنيسة من رسل المسيح القديسين، و نحن لسنا بوارد نقض اقوال الآباء.

المؤسف جداً هو زج اسم حركة فلسفية كونية -أعني الماسونية- و التي تحترم كل الاديان  وتـنبذ اهل البدع من مجتمعها.

والمؤسف جداً هو ان عامة المسيحيين ليس لهم الا معرفة سطحية في حقائق الكتاب المقدس، الذي هو دستور الايمان و مصدر العقائد، الأمر الذي يسهل مهمة الغزاة المضلّين و يتيح لهم ان يبذروا الزوان ليفسدوا الزرع.

أما جاء في رسالة يوحنا الثانية ( ۹-١١) “كل من تعدى و لم يثبت في تعاليم المسيح، فليس له الله. ومن يثبت في تعليم المسيح، فهذا له الآب والابن جميعاً. ان كان احد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت، ولا تقولوا له سلاماً، لأن من يسلم عليه، يشترك في اعماله الشريرة.”

 كل من يبحث في نشأة حركة ” شهود يهوه” يجد خيوطاً توصله الى بدع، ظهرت قديماً و قامت على تفاسير مغلوطة لبعض نصوص الكتاب المقدس.

ما هي علاقة شهود يهوه بالمبتدعين عبر الاجيال وعن تطوراتها ونشاطاتها في ايامنا هذه.

۱ ) الأيبيونية : نادت بضرورة تمسك المسيحيين بناموس موسى وأنكرت ميلاد المسيـح و لم تعترف ببولس رسولاً، أما من جهة اعتقادهم بالمسيح فقد اعتبروه انساناً عادياً لذا احتفظوا بطقوس الناموس الموسوي واعتبروه ضرورياً.

٢ ) الأريوسية : نسبة الى عقيدة ( آريوس ) و التي تستند الى اعتبار الآب وحده يستحق لقب الإله، اما الابن فهو  مخلوق من العدم بارادة الآب.

۳ ) السوسيانية : نسبة الى ( سوسيونوس ) وخلاصة هذه البدعة عن المسيح إنه كان مجرد انسان، وانما دعي ابن الله لكونه حُبل به من الروح القدس، إذاً تلاميذ التوراة المسمون في ايامنا (بشهود يهوه) تأصَّلَت ضلالاتهم إلى هذه البدع التي أوردنا ذكرها بإسهاب.

٤ ) يتدرج تحت البدع التي كانت وراء ( شهود يهوه):

ا ) حركة منتظري المسيح

ب) حركة الرسليين

ج) جمعية اصدقاء الانسان وأسلوبهم

د) جمعية تلاميذ الفجر الالفي.

ان هذه الجمعيات ما هي الا بدع سبقت ظهور اسم (شهود يهوه) إنما كانت لخلال قرن مضى تعلم اساليب (شهود يهوه) تحت جمعيات مختلفة، إلا انها توحدت فيما بينها لتلد بدعة (شهود يهوه).

 سوف نلقي الضوء باسهاب على فكر وتاريخ وأضاليل هذه البدع من خلال هذا البحث، مركزين على أهم النقاط التي تسترعي انتباه المستمع الى تعاليمهم. و ذلك ان مما يجب ملاحظته هو ان (شهود يهوه) يتمتعون بجرأة مدهشة على اقتحام منازل الناس لبّث أفكارهم المبتدعة ولهم من أساليبهم الناعمة و المادية ما يخولهم كسب المحبذين الذين لا يلبث معظمهم الإنضمام الى الحركة وهنا من المؤسف القول :

بدلاً من زج اسم الماسونية كبدعة مثل بدع (شهود يهوه)  اتمنى و بكل محبة على الآباء الروحيين تعليم حقائق الكتاب المقدس للمسيحيين و تضمين سطحية معرفة المؤمنين بتلك الحقائق خاصة بعد موجات التعصب الديني التي ولدّتها الحرب، و التي لا تمت بصلة لا إلى الدين المسيحي و لا الى الدين الاسلامي بجذورها، اما لماذا اليهـودية زاد عددها و عديدها في هذه الايام ؟ لأن برامجها الذكية والمدروسة تمكنت اجتماعياً بعد ما فرزته الحرب من فقر وتدني مستوى المعيشة وما تملكه من قدرات مالية و من تأصل المذهبية العصبية لدى المسيحيين نتيجة لتلك الحرب و سطحية معرفتهم في حقائق الكتاب المقدس.

ورد في انجيل يوحنا 🙁 ٤ – ۱ )

” ايها الاحباء لا تصدقوا كل روح بل اختبروا الارواح هل هي من الله،

 لأن انبياء كذبَة كثيرين قد خرجوا الى العالم “

لنلقي الضوء على ما ورد في هذه المقدمة عن تكوين هذه البدع كما اوردناه آنفاً.

أ ) حركة منتظري المسيح

قاد هذه الحركة وليم مللر عام ۱٨٢٢ وهو معمداني اميركي، اوصلته

دراسة النبّوات الخاصة بمجيء المسيح ثانية الة نظرية غريبة مفادها،

 ان المسيح سيأتي في العام ۱٨٤۳. وقد بنى حساباته على الالفين

وثلاث مئة صباحاً و مساء، الواردة في ( دانيال ٨: ۱٤)، مفترضاً ان

الايام هنا تعني اعواماً. وان الحساب ينبغي ان ينطلق من بداية السبعين

 اسبوعاً التي ذكرت في ( ۹:٢٤-٢٥)

اي سنة ٤٥٧ ق. م. وقد اجرى مللر حسابه هكذا :۱٨٤۳ +٤٥٧=٢۳٠٠

ولكن لما مرّ العام ۱٨٤۳، ولم يأت المسيح منيت الحركة بخيبة مريرة،

الا انها سرعان ما بدلت اسمها تحت اسم المجيئين، و حددت العام ۱٨۹٠

لمجيء المسيح، ولكنها فشلت ايضاً، لأن المسيح كما هو معلوم لم يأت بعد.

ب) حركة الرسليين :

مؤسسها ( شارل تاز رسل )۱٨٥۲–۱۹۱٦، وهو تاجر اميركي قادته الصدف

و هو بعد حديثاً الى الاتصال بجماعة المجيئين، فانضم اليهم، وعنهم احب

دراسة الأسفار المقدسة، و خصوصاً النبوات المدونة فيها.

في أثناء انكبابه على دراسة الكتابات المقدسة، استخرج “رسل ” عدة نبوات

عن مجيء المسيح ثانية و ابتداءً الحكم الالفي، متوهماً ان باستطاعه تحديد تاريخ

 مجيء المسيح بالضبط. وقد حمله الحماس على تكريس وقته للتأليف و النشر،

فأصدر عدة كتب، أضخمها كتاب في سبعة مجلدات، ضمنها ابحاثاً مسهبة

غامضة، و تأويل مبهمة في غالبية موادها. و مع انها مستندة بشواهد كثيرة من الكتاب المقدس، الا انها جاءت مخيبة أمل القارئ المدقق، لأن تلك الشواهد كلفت باثبات امور لا علاقة لها بالمواضيع المدرجة، و لعل أسوأ ما في الامر، هو محاولته تفسير النصوص، وفقاً لأهوائه، و بذلك فرض على كتاب الله ان يتكلم بما ليس فيه.

 و زيادة على ذلك أصدر “رسل ” عدداً كبيراً من النشرات و الجرائد، و اطلقها بعد حملة دعائية صاخبة في الصحف، و في السينما حيث عرض فيلماً بعنوان “مسرح الخليقة”. و بديهي بعد هذه الحملات الدعائية ان يؤخذ “رسل” بالزهو، وأن يحمل على الادعاء بأن مؤلفاته اعظم ما وجد في العالم.

ولكن هذا الزهو كان أمام الحقيقة كفقاعات الصابون امام الهواء.

ففي العام ۱۹۱٦ مات مشككاً  لأن شيئاً من تنبوآته لم يتم.

وهكذا ذهبت كل تفسيراته للنبوات أدراج الرياح، و تبعاً لذلك صار مجلده السابع في دراسة الكتاب المقدس قبضة من الريح.

نشاطات الرسليين

۱٨٧۲ – في هذا العام وجه “رسل ” دعوة الى اصدقائه، فاجتمعوا في مدينة بتسبرغ للاشتراك معه في دراسة شاملة للنبؤات عن مجيء المسيح الثاني، واقامة ملكوت الله على الارض، و بعد الدرس الموسع، حدد عام ۱٨٧٤ تاريخاً اكيداً لمجيء السيد المسيح.

۱٨٧٤- مني ” رسل ” بخيبة كبرى لأن نبؤته عن المجيء الثاني، لم تتحقق، وبديهي ان يحصد خيبة مؤلمة كهذه لأنه في تفسيره النبؤات، لم يقم وزناً لما قاله الرب في انجيله بحسب (متى ۲٤- ۲٥) حيث أكد الرب اكثر من مرة ان احداً لا يعلم اليوم والساعة التي يأتي فيها.

۱٨٧٦- في هذه السنة زعم ” رسل ” ان المسيح جاء فعلاً وانما بصورة غير منظورة.

وقصده من هذا الزعم، ان يغطي الفشل الذي اصابه، ولكن محاولته هذه لم تنجح لأنها صدمت بالحقائق الواردة في سفر اعمال الرسل ورسائل بولس، التي تصف الكيفية التي فيها يجيء المسيح.

۱٨٧٨- شعر “رسل” بأنه بلغ حداً من القوة بحيث يستطيع العمل، في معزل عن المجيئين فانفصل عنهم مع محبذيه من الاصدقاء.

۱٨٧۹- أصدر ” رسل” العدد الاول من مجلة برج المراقبة التي ما زالت تصدر بمقالات شتى باقلام جماعة شهود يهوه.

۱٨٨٠- أصدر “رسل ” منشوراً، حدد في نهاية العالم الشرير، وذلك سنة ۱۹۱٤ وهذا التاريخ صار فخاً لكثيرين، بسبب اندلاع الحرب العالمية الاولى. فانجذب عدد كبير من الناس الى تصديق زعمه. فحدث اضطراب لدى الكثيرين مما حملهم على تصفية اعمالهم، والتصرف بثرواتهم، بحيث لم يبقوا معهم من المال الا ما ظنوه كافياً الى الوقت الذي فيه يخطفون لملاقاة الرب في الهواء (رسالة تسالونيكي الاولى ٤:١٧)

۱٨۹٨- تقرب الكسندر فرايتاغ من الرسليين وهو سويسري، تأثر بتعاليم الرسليين الى حد بعيد الا انه لم يلبث، حتى خرج عن طور التابع الى طور المعلم، الذي يفرض آراءه الشخصية. ومع ان الجماعة اهملوا افكاره عدة سنوات، إلا انها اخذت تظهر ابتداء من العام ۱۹۱٧ .

۱۹٠٤- رفع المعتبرون من الشيعة “شارل تاز رسل” الى رتبة القسوسية، ذلك في حفل عظيم.

١۹٠۹- نقل الجماعة مقر جمعيتهم من بتسبرغ الى نيويورك ( بروكان )

وهناك ارتأوا انه من المفيد لتسللهم بين المسيحيين ان يزيلوا عنهم اسم الرسليين، و ان يطلقوا على انفسهم إسماً جديداً عليه طلاء من الشرعية. و كان الإسم المختار:”جمعية تلاميذ التوراة”.

١۹١٤- لم تحدث نهاية العالم الشرير واختطاف الكنيسة، كما تنبأ “رسل” بل إلى جانب الكارثة التي حملت بالعالم من جراء الحرب، أتى العالم بكارثة أشد هولاً بالنسبة لتلاميذ التوراة، لأن نبؤاتهم لم يتم منها شيء، الأمر الذي أثار اليأس في نفوس المشرفين على الجمعية، فانفرط عقدهم إلى حين.

۱۹١٦- في الربع الاخير من هذا العام توفي ” شارل تاز رسل ” فانقسمت الجمعية على ذاتها، و توزعت في فرق شتى يربو عددها على العشرين، ادّعت كل واحدة منها انها هي الوارثة الشرعية لعقيدة القس المتوفي. و بالرغم من اختلاف أوجه التعليم في ما بينها زعمت كل فرقة انها الحائزة على الحقيقة وحدها.

و مع ان الحركة منيت بالانقسام،  فقد بقي عدد كبير من الجماعة موالياً إلى ” شارل تاز رسل “. وهؤلاء الموالون تجمعوا حول القاضي “روتفورد “، و أقاموه رئيساً عليهم. و قد تميز هذا الرجل بنشاط واسع في عالم الكتابة، فألف عدّة كتب، منها قيثارة الله، المصالحة، النجاة، الخليقة، حياة، خلاص، الاعداء يهوه، يضاف الى ذلك عدد كبير من النشرات.

في تلك الحقبة من الزمن وجد “فرايتاغ” ان الفرصة سنحت له لكي يستغل مكانته كمشرف على مكتب الجمعية، ليبث افكاره الشخصية، التي تجاوزت في ضلالها كل تعاليم “رسل”.

١۹۱٧- نشر “فرايتاغ” بعضاً من أفكاره الشخصية على صفحات مجلته الاسبوعية فأثار بذلك حفيظة زملائه، فهبوا لمقاومته بكل عنف.

١۹۲٠- في هذه السنة أثيرت حملة عنيفة ضد افكار “فرايتاغ”، فهب للدفاع عن نفسه  بمجموعة من المناشير الشديدية اللهجة، ثم لم يلبث ان تحول إلى الهجوم مقرراً ان مشايعي “روتفورد” هم كنيسة “لاودكية” للمرتدة الفاترة، التي عزم الرب على ان يتقيأها من فمه. لقد اتهمهم بتحوير تنبؤات “رسل” عن مجيء المسيح الثاني، من ١۹١٤ الى  ١۹١٨،  فانبرى له القاضي “روتفورد ” ونشبت بينهما مشادة عنيفة انتهت في الاخير الى الإنـفصال.

 و عندئذ ألف “فرايتاغ” شيعة مضللة جديدة سماها “اصدقاء الانسان” و سن لها قوانين جعلتها من اشد الهرطقات ضلالاً، ولكن جمعيته نفسها لم تدم طويلاً حتى انقسمت بعد وفاته، التي لم تكن متوقعة بهذه السرعة. و قد ذهل اصحابه فعلاً لأنه كان يزعم بأن الحياة الابدية بالنسبة لمن يسمع تعليمه ستكون على الارض.

١۹۳١- بعد ان انفصل “فرايتاغ” عن جمعية تلاميذ التوراة عقب الضجة التي اطلقت خلال المشادات، وجد القادة انهم لا يستطيعون بعد الآن البقاء تحت الاسم القديم. لذلك عقدوا مؤتمراً عاماً برئاسة “روتفورد” قرروا فيه: اولاً تغيير اسم الشيعة، فدعوا أنفسهم “شهود يهوه”.

ثانياً، متابعة اصدار منشوراتهم باسم “الجمعية العالمية لتلاميذ التوراة “،  كتاب ( ليكن الله صادقاً، الذي نشر بالفرنسية عام ١۹٤٨)

١۹۳۹- برزت خلال هذا العام نشرات ونبذ جديدة تختلف بالشكل عن منشورات شهود يهوه، ولكنها تتفق بروحها مع تعاليم “رسل” المضلة، و تلك النشرات وزعها اناس ينتمون الى فرقة جديدة من فرق ” تلاميذ التوراة ” دعت نفسها ” الفجر” أحياناً، و” رسل الفجر الالفي ” أحياناً أخرى.

١۹٤۲- توفي القاضي ” روتفورد” في ٨ كانون الثاني من هذا العام،

فانتقلت زعامة شهود يهوه الى “ناثان كنور” الذي كان قبلاً يشغل

رئاسة قسم الدعاية في الجمعية، وهو الذي اسسس “مدرسة برج المراقبة”،

التي يتخرج منها كل سنة عدد ضخم من المبشرين.

١۹٤٧- في هذا العام توفي “الكسندر فرايتاغ” الذي زعم انه لن يرى الموت،

 ولذا كان موته المفاجئ خيبة قاسية لاتباعه من “اصدقاء الانسان” الذين صدموا

 وغزى الشك قلوبهم، وزرعت التفرقة بينهم، بحيث لم يستطيعوا اقامة

خلفاً للمتوفي ليرعى قطيعهم. ولكن قسماً كبيراً منهم التف حول المدعو

“رافينير”، فاجلسوه على كرسي الرئاسة في قصر “كارتينبي” في جنيف.

ومن هناك اصدر العدد الاول من جريدته “معلم ملكوت البر”.

اما الآخرون فتبعوا “برنارد سايرس”،الذي أطلق عليه اسم “الراعي الامين “

وجعل فرنسا مقراً دائماً له.

ومن هناك بدأ اصدار جريدته ” ملكوت العدل والحق “.

وفي هذا العام ايضاً، أصدر تلاميذ التوراة “رسل الفجر الالفي

اول عدد من جريدتهم “الفجر”،  وبعد ذلك بسنوات قلائل

اخذوا يبثون تعاليمهم من دار اذاعة مونت كارلو تحت عنوان  “بيير توماس  “

من هنا نقول لرجال الدين والعالم أجمع، بأن لا صلة للماسونية بشهود يهوه والماسونية ليست مؤسسة تبشيرية تذهب الى بيوت الناس لتطلب منهم الدخول اليها، بل الماسونية تختار نخبة المجتمع من رجال اعمال ومثقفين من كل الاديان والمذاهب والاعراق، الماسونية مدرسة فلسفية كونية اجتماعية.

Spread the love